الحامي والوثائقيه




في سلطنة عمان تولت اسرة سعيد بن تيمور مقاليد حكم السلطنة منذ عام 1746، وقد
ظلت السلطة تنتقل من الاب الى الابن حتى عصر تيمور الذي عزله ابنه سعيد بالقوة عام 1932، وقد ظل حاكما على البلاد حتى عام 1970 فعزله ابنه قابوس كما فعل هو مع والده!!(كما تدين تدان)


ولا شك ان انقلاب قابوس على والده كان عقابا سماويا حل بوالده الذي انتهج هذا الاسلوب فتجرع من مرارة كأسه، وقد أثار هذا الانقلاب حفيظة والدته التي قاطعته طويلا احتجاجا على اسلوبه.



وفي سبتمبر 1974 واثناء رحلة السلطان قابوس للأستجمام الى منطقة جبيلة خضراء بألمانيا الغربية فكر السلطان قابوس في شراء فندقا ضخما بحوالي عشرة ملايين من الماركات الالمانية لأهدائه الى والدته الغاضبة لعلها ترضى عنه،كانت تلك المنطقة قد أسرت بسحرها السلطان قابوس منذ أوفده أبوه اليها للخدمة في صفوف فيلق الراين.


والسلطان قابوس من مواليد 1940 ويتصف بالهاء والذكاء ، وهو عاشق لسماع موسيقى باخ وهاندل وكان يحمل معه في اسفاره جهاز (بيك اب-ستيريو) ليستمع الى الموسيقى الغربية بكافة مدارسها.


والدة السلطان قابوس السلطانه مزون

وأبوه سعيد بن تيمور كان حاكما قويا أشاع الخوف في نفوس رعيته، وقد حكى سعيد لبعض المقربين له من الاجانب الذين ربتطهم به علاقات قوية في المانيا قائلا:
 "لم يستطع احد من رعية ابي الاحتجاج على تدخل السلطان في الشؤن الخاصة لهم، فمن اراد ان يرتدي نظارة للقراءة كان يجب عليه استخراج ترخيص لتلك النظارة، وحتى التنقل داخل السلطنة كان لابد من توثيقه قبل البدء في الترحال داخل البلاد!! واستيراد والسيارات في عهد والدي كان محظورا الا على الصفوة القريبة منه، كان والدي خائفا على نفسه وعرشه وقد كان يظن ان اعداءه يمشون خلفه فكان كثير الالتفات خلفه، وقد تملكه الخوف وهو ما دفعه للحد من استيراد السيارات أو التنقل داخل البلاد، وقد منع التعليم عن اهل البلاد" . 

والطريف كما جاء على لسان قابوس أن والده أصدر فرمانا سلطانيا يمنع تسلق اسوار مسقط الطينية، عند حلول الظلام.

وكان لا يشعر بالراحة والامان الا في لندن حيث كان يقطن أشهر احياء انجلترا، وذلك لكي يضمن عدم وجود أحد منرعاياه المتمردين فيها ولأن السلطنة محشورة في لسان ممتد من الناحية العربية لمضيق هرمز، وهو المضيق الواقع بين ايران وشبه الجزيرة العربية، فقد أحس بالمخاطر الجغرافية التي تحاصره من كل جانب.


وفي عام 1966 عاد قابوس الابن من رحلة اوروبية وقد رأى والده ملامح الضيق فأخذ قابوس الى حصن (صلالة) الواقع في اقليم "ظفار " البعيد عن العاصمة بحوالي 1000 كيلو متر وصارت صلالة هي مقر الحكم للسلطان وسجنا لوي العهد قابوس، وكان مع قابوس في هذا السجن المحصن نفر من زملائه الموالين له من الشباب وبعض الرهائن الذين وقعوا في قبضة سعيد من ابناء القبائل المتمركزة بين عمان والسعودية، وأبوظبي وقد كانوا يعانون جميعا في هذا السجن الذي شيده السلطان لنفيهم فيه.



ومن هنا وفي هذا المكان توثقت العلاقة بين قابوس وهؤلا الرعايا المنفيين وتوحدت كلمتهم على ضرورة التخلص من الرجل الذي يقف وراء هذا الظلم الرهيب سعيد بن تيمور.



ولأن علاقات وطيدة ربطت السلطان الاب بالقوات الانجليزية التي تسانده وتكشف له مؤامرات الاغتيال التي التي يفتعلها البعض ضده، فقد خشي قابوس من فشل تمرده على والده، وهو ما دفعه لتوثيق علاقته مع الانجليز الذين يسيطرون على القوات المسلحة العمانية وخاصة سلاح الطيران.


       وحين اشار قاببوس للقنصل العام الانجليزي على عزومه بعزل ابيه لم يجد قبولا منه حيث ان الانجليز يسيطرون على كافة الامور داخل البلاد... وأما الشاب القادم فلا احد يضمن استمرار ولائه لهم خاصة وان الشركات البريطانية كانت تعمل في سلطنة عمان من خلال حرية واسعة لاتوجد لها مثيل في اي دولة نظير رفع العلم البريطاني على حدود البلاد لاضفاء الحماية عليها من الغزاة المتربصين بها.


وكان قابوس يرى أن ملايين السلطنة هي حق للشعب وليس لوالده الذي يستحوذ عليها جميعا، وهو ما يثير خوف الانجليز من تطبيق سياسة جديدة تتصادم مع سياستهم الرامية للأستيلاء بالتعاون مع السلطان على خيرات البلاد النفطية، ولم ييأس قابوس ولم يتراجع عن احلامه وآماله ففي منتصف ليلة 24 يوليو 1970 اقتحم هو وعدد قليل من اصدقائه غرفة نوم والده واطلق النار عليه، وقد اصيب في ذراعه وقد استقل سعيد طائرة حربية اتجهت به الى لندن للعلاج،وهنا اعلن قابوس نفسه سلطانا على البلاد، خلفا لوالده الذي لاذ بالفرار والهرب ، وقد الغى كافة القوانين والاحكام العرفية وقام بهدم البوابات والاسوار التي شيدها والده، وعاشت البلاد في عهده تطورا جديدا اختلف كليا عن مرحلة والده التي تميزت بالظلم والاستبداد.


كان عدد سكان السلطنة في ذلك الوقت لايزيد عن 600 الف مواطن عماني ، وقد سمح بسفر رعاياه الى الخارج كما سمح بتنقل الاجانب داخل السلطنة بحرية واسعة دون قيود.

وهنا يقول قابوس لجريدة الصن البريطانية:
 
(ان شعب سلطنة عمان يريد ان يحقق التقدم بسرعة كبيرة، الا ان زعماء القبائل لم يوافقوا على سرعة التقدم، فكل شي يتغير بسرعة أكبر من العقول بالنسبة لهم)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق